ارتبطت خطبة الجمعة بالسياسة منذ عصور الإسلام الأولى. انتشرت أكثر في العصور التي كانت النزاعات السياسية أكثر من غيرها. لم يكن هناك مجال غير خطبة الجمعة يمارس من خلالها السياسيون نشاطاتهم، ونزاعاتهم. في العصور الحديثة لم يعد الوضع كذلك، فمجالات الإعلام والحديث للناس كثيرة، ما جعل خطبة الجمعة تختص في الجانب العبادي، وهي الجانب الأهم في المسألة، إذ كان الجانب السياسي عرضيا، فالعبادة هي الأصل، وعلى هذا الأساس عادت الجمعة مع توسع مجالات الإعلام إلى أصلها الذي سبق وأن زاحمتها السياسية عليه.
الأصل في الصلاة والخطبة أنها مخصصة للعبادة، وما دخلت القضايا السياسية أو الاجتماعية إلا عرضا، وفي أضيق الحدود، وإلا فإن خطبة الجمعة دينية وليست سياسية. لم تكن الخطب السياسية في الجمعة فقط، بل كانت في كل مكان يمكن أن يجتمع فيه الناس. وهذه ظاهرة ممتدة في التاريخ الإسلامي تاريخيا وجغرافيا، أما أن تتحول خطبة الجمعة «الدينية» الأصل إلى سياسية، فهذه من عمليات تسييس الدين وإخضاعه للمجالات السياسية رغم أن التأكيد على دينية خطبة الجمعة كان أكثر وضوحا.
مع انتشار ظاهرة الإسلام السياسي في أكثر من مكان في العالم العربي والإسلامي، عادت خطبة الجمعة إلى السياسة بحكم فاعليتها في تجييش الجماهير المسلمة. وتكثر في وقت الأزمات السياسية التي دائما ما كانت محركا لكثير من المشاعر السياسية تجاه الدول أو أشخاص أو مواقف من هنا أو هناك. قبل سنوات كنا نبحث ونتداول كاسيتات الخطيب الذي يحول خطبة الجمعة إلى فضاء سياسي مفتوح يقول فيه ما يشاء من نقد مبطن أو صريح، إضافة إلى أولئك الخطباء الذين تستهويهم التصنيفات الفكرية، فتصبح الخطبة مليئة بتلك المناقشات التي لا يدري عنها المصلون شيئا ولا يعرفون تفاصيلها ومضمونها. في حائل، قبل حوالي أربع أو خمس سنوات، خطب أحدهم عن نادي حائل الأدبي لاستضافته بعض الكتاب أو المثقفين المسموح لهم الحديث في السعودية ويكتبون في الصحف الرسمية. تم تصوير النادي كوكر من أوكار الرذيلة رغم أنه كان حريصا على فصل الرجال عن النساء حتى في الفعاليات؛ تماشيا مع الرؤية المحافظة للمجتمع.
في فترة الصراع بين الصحوة والحداثة في السعودية، كانت خطب الجمعة زاخرة بتلك التصنيفات وبأسماء المثقفين، ومحاولة دحض أفكارهم رغم أنهم كانوا يميلون للجانب الأدبي دون الدين أو الاجتماعي.
من الخطب التي ما زلت أذكرها، في منتصف التسعينات كنت قد استمعت لأحد خطباء الجمعة في منطقة القصيم في كاسيت انتشر في وقته عن كرة القدم وتضليلها للمجتمع المسلم. كنا نربط بين هذه الخطبة وكأس العام منتصف التسعينات لتزامن الخطبة مع ذلك الحدث الرياضي، ويزداد حماسنا الديني حينما نعرف أن المنتخب السعودي قد شارك في تلك البطولة. هنا تكتمل دائرة خطبة الجمعة التي خرجت عن مضمونها الديني إلى مضمون سياسي/ رياضي.
في هذه الأوقات، تعود الخطب الدينية/ السياسية إلى الواجهة من جديد بحكم تردي الأوضاع في لعالم العربي وصراعاته بين الإسلاميين ودولهم، خصوصا في مصر، أو أحداث القتل الجماعي في سوريا، لكن الحدث الأبرز هو غضب مجموعة من الإخوة المصريين على أحد خطباء مدينة الرياض حينما أدخل في خطبته دعوة خاصة على قائد القوات المسلحة عبدالفتاح السيسي، ليثور عليه الإخوة المصريين في المسجد رافضين إدخال هذا الموضوع في الخطبة، ما أدى إلى اشتباكات صغيرة.
وأيا يكن أمر الخطبة وصحة تصرف المصريين أو عدم صحة تصرفهم، إلا أنه كان من المفروض عدم إدخال الخطبة الدينية في المجال السياسي، خصوصا في عدد كبير من المصلين من قد يختلف مع الخطيب في وجهة النظر، وبخاصة في القضايا الاجتماعية والسياسية التي من طبيعتها الاختلاف، وإذا كانت القضايا الدينية تحظى بعدد كبير من الاختلافات الدينية، فما بالك بالقضايا الاجتماعية والسياسية.
إن مراعاة الجانب الاجتماعي للمصلين واختلاف مدركاتهم ومرجعياتهم الفكرية وحتى الدينية المذهبية والسياسية تحتم على الخطيب النظر في خطبته وإبعادها عن مناطق الحساسية السياسية، لكون الفريضة دينية في الأصل. فالإبقاء على أصل الخطبة الدينية أهم بكثير من تسييسها في قضايا غالبا ما كانت تخص رأي الخطيب دون غيره من المصلين.
الأصل في الصلاة والخطبة أنها مخصصة للعبادة، وما دخلت القضايا السياسية أو الاجتماعية إلا عرضا، وفي أضيق الحدود، وإلا فإن خطبة الجمعة دينية وليست سياسية. لم تكن الخطب السياسية في الجمعة فقط، بل كانت في كل مكان يمكن أن يجتمع فيه الناس. وهذه ظاهرة ممتدة في التاريخ الإسلامي تاريخيا وجغرافيا، أما أن تتحول خطبة الجمعة «الدينية» الأصل إلى سياسية، فهذه من عمليات تسييس الدين وإخضاعه للمجالات السياسية رغم أن التأكيد على دينية خطبة الجمعة كان أكثر وضوحا.
مع انتشار ظاهرة الإسلام السياسي في أكثر من مكان في العالم العربي والإسلامي، عادت خطبة الجمعة إلى السياسة بحكم فاعليتها في تجييش الجماهير المسلمة. وتكثر في وقت الأزمات السياسية التي دائما ما كانت محركا لكثير من المشاعر السياسية تجاه الدول أو أشخاص أو مواقف من هنا أو هناك. قبل سنوات كنا نبحث ونتداول كاسيتات الخطيب الذي يحول خطبة الجمعة إلى فضاء سياسي مفتوح يقول فيه ما يشاء من نقد مبطن أو صريح، إضافة إلى أولئك الخطباء الذين تستهويهم التصنيفات الفكرية، فتصبح الخطبة مليئة بتلك المناقشات التي لا يدري عنها المصلون شيئا ولا يعرفون تفاصيلها ومضمونها. في حائل، قبل حوالي أربع أو خمس سنوات، خطب أحدهم عن نادي حائل الأدبي لاستضافته بعض الكتاب أو المثقفين المسموح لهم الحديث في السعودية ويكتبون في الصحف الرسمية. تم تصوير النادي كوكر من أوكار الرذيلة رغم أنه كان حريصا على فصل الرجال عن النساء حتى في الفعاليات؛ تماشيا مع الرؤية المحافظة للمجتمع.
في فترة الصراع بين الصحوة والحداثة في السعودية، كانت خطب الجمعة زاخرة بتلك التصنيفات وبأسماء المثقفين، ومحاولة دحض أفكارهم رغم أنهم كانوا يميلون للجانب الأدبي دون الدين أو الاجتماعي.
من الخطب التي ما زلت أذكرها، في منتصف التسعينات كنت قد استمعت لأحد خطباء الجمعة في منطقة القصيم في كاسيت انتشر في وقته عن كرة القدم وتضليلها للمجتمع المسلم. كنا نربط بين هذه الخطبة وكأس العام منتصف التسعينات لتزامن الخطبة مع ذلك الحدث الرياضي، ويزداد حماسنا الديني حينما نعرف أن المنتخب السعودي قد شارك في تلك البطولة. هنا تكتمل دائرة خطبة الجمعة التي خرجت عن مضمونها الديني إلى مضمون سياسي/ رياضي.
في هذه الأوقات، تعود الخطب الدينية/ السياسية إلى الواجهة من جديد بحكم تردي الأوضاع في لعالم العربي وصراعاته بين الإسلاميين ودولهم، خصوصا في مصر، أو أحداث القتل الجماعي في سوريا، لكن الحدث الأبرز هو غضب مجموعة من الإخوة المصريين على أحد خطباء مدينة الرياض حينما أدخل في خطبته دعوة خاصة على قائد القوات المسلحة عبدالفتاح السيسي، ليثور عليه الإخوة المصريين في المسجد رافضين إدخال هذا الموضوع في الخطبة، ما أدى إلى اشتباكات صغيرة.
وأيا يكن أمر الخطبة وصحة تصرف المصريين أو عدم صحة تصرفهم، إلا أنه كان من المفروض عدم إدخال الخطبة الدينية في المجال السياسي، خصوصا في عدد كبير من المصلين من قد يختلف مع الخطيب في وجهة النظر، وبخاصة في القضايا الاجتماعية والسياسية التي من طبيعتها الاختلاف، وإذا كانت القضايا الدينية تحظى بعدد كبير من الاختلافات الدينية، فما بالك بالقضايا الاجتماعية والسياسية.
إن مراعاة الجانب الاجتماعي للمصلين واختلاف مدركاتهم ومرجعياتهم الفكرية وحتى الدينية المذهبية والسياسية تحتم على الخطيب النظر في خطبته وإبعادها عن مناطق الحساسية السياسية، لكون الفريضة دينية في الأصل. فالإبقاء على أصل الخطبة الدينية أهم بكثير من تسييسها في قضايا غالبا ما كانت تخص رأي الخطيب دون غيره من المصلين.